التهديد "الكردي" برعاية الولايات المتحدة موجه إلى تركيا، وليس سوريابقيت الجماعات الكردية حتى الآن خارج عملية زعزعة الاستقرار (نشر الفوضى) في سوريا التي يقودها حلف الناتو ، والتهديدات الأمريكية بتسليح وإطلاق الجماعات الكردية لإقناع تركيا بأداء المطلوب منها.بقلم توني كارتلوشي18 أيار 2012 - كانت أعمال العنف في سوريا التي نفذت غالبيتها من قبل الجماعات المتطرفة، المرتبطة بتنظيم القاعدة، والتي تم تنظيمها، وتمويلها، وتسليحها من قبل الولايات المتحدة وإسرائيل، والمملكة العربية السعودية، مع جماعة الحريري في لبنان والتي لعبت دور الداعم الرئيسي. والتي انطلقت باكراً عام 2007، بتقرير أفاد أن جماعة الإخوان المسلمين المسلحة سيئة السمعة في سوريا بالفعل قد تلقت الدعم من الغرب لبدء تقويض سوريا كجزء من إستراتيجية أعظم لكسر الحلف الإيراني – السوري - وحزب الله الفعال على امتداد الإقليم (المنطقة).يقطن الأكراد منذ مدة طويلة الأراضي الممتدة على طول الحدود الإيرانية، العراقية، السورية، والتركية، وتقاتل ضد القوات التركية، مع استضافة العراق الذي تحتله الولايات المتحدة للغزوات التركية التي تهدف إلى سحق المعاقل الكردية المزعوم. خلافا لمعركة سوريا ضد المتشددين الإسلاميين الممولين والمسلحين أجنبياً، حتى أن الكثير منهم غير سوريين، فقد كان "المجتمع الدولي" مكتوم الصوت خلال حملات الجيش التركي ضد الأكراد داخل وخارج الحدود التركية. وحتى أنه طوال فترة الاضطرابات الحالية في سوريا، واصلت تركيا القيام بعمليات عسكرية ضد الأكراد.صورة: يقطن الأكراد المنطقة على جوانب حدود إيران والعراق وسوريا وتركيا. فبينما تعايش الأكراد في شمال العراق مع غيرهم من العراقيين، وتمتعوا بدرجة نسبية من الاستقلالية، و تمتعوا في سوريا بحماية الأسد جنبا إلى جنب مع مجموعات الأقليات السورية الأخرى، فقد خاض الأكراد في تركيا لعقود طويلة معركة ضد الحكومة التي واصلت ملاحقتهم داخل وخارج حدود البلاد. فإذا تم تسليح الأكراد من جانب الولايات المتحدة، فسوف يتوجهون إلى أنقرة، وليس دمشق - وهكذا جاء التهديد الأخير لواشنطن باتجاه تركيا، وليس سوريا.....ظل السكان الأكراد السوريون على الحياد، كحال معظم الأقليات في سوريا - خوفا من عواقب السماح للمتطرفين المدججين بالسلاح والمدعومين من الخارج بتدمير بلدهم على غرار النموذج ليبيا، وفرض عقوبات شديدة القسوة عليهم، واقتلاعهم أو إبادتهم جميعا ، كما حصل لشعب التوارقة في ليبيا. حتى ذلك الحين، كان التحرك الأخير لواشنطن - بالإضافة إلى الاعتراف علنا أنهم يسهلون تسليح المعارضة السورية في خضم وساطة الأمم المتحدة لـ"وقف إطلاق النار" - بدعوة "الأكراد" في سوريا لإجراء محادثات حول تسليحهم وتوظيفهم ضد الرئيس السوري بشار الأسد، و هذا السيناريو يبدو مستبعدا جدا. في الواقع، قد تقوم واشنطن بتسليح أكراد سوريا بشكل جيد للغاية، ولكنهم وجهتهم في نهاية المطاف لن تكون دمشق، بل أنقرة.وحتى لو قرر أكراد سوريا الانتفاض ضد الحكومة السورية خدمة للمصالح الغربية أولاً، تماما كما يحدث في ليبيا، فالأسلحة، والنقود، والدعم التي يستخدمونها للقيام بذلك ستنتهي باستخدامها ضد تركيا في المستقبل القريب. في ليبيا، تدفقت الأسلحة من حلف شمال الأطلسي بالفعل إلى الشركات التابعة لها وهي الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة (LIFG- Libyan Islamic Fighting Group's ) وعبر تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي (AQIM - Al Qaeda in the Islamic Maghreb)، وحتى في أيدي مجموعة بوكو حرام النيجيرية.نشرت مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي (وهي مركز فكري لأبحاث سياسة الولايات المتحدة ممولة من قبل الشركات الرأسمالية الراعية للمراكز الفكرية) تحت عنوان "المعضلة السورية: استجابة تركيا للأزمة" أشارت فيها إلى أن تركيا هي الوكيل المثالي بالنسبة للغرب للاعتماد عليها في تنفيذ جدول أعماله (أجندته)، ولكنها أيضا اعترفت بالمأزق الصعب الذي تواجهه تركيا. لم تتمكن تركيا أن تتدخل بمصداقية في سوريا بذريعة "أسباب إنسانية" في حين أنها تنفذ حملات عسكرية مماثلة ضد الأكراد داخل حدودها، وأي توغل تركي في سوريا يمكن أن يؤدي إلى رد فعل عنيف من جانب المجتمع الكردي في جميع أنحاء المنطقة.تركيا، التي تم انتخابها من قبل مراكز فكر السياسة الخارجية للولايات المتحدة لإنشاء "ممرات آمنة" في سوريا لقوات وكلاء حلف شمال الأطلسي، لم تحقق بعد أي خطة عمل ملموسة. قد يكون السبب أن تركيا ترددت أمام ما سيكون في نهاية المطاف المرحلة الأولى من الحرب الأكبر ضد إيران، وتاليا روسيا والصين. تستخدم الولايات المتحدة تركيا كوكيل، لمحاربة أعدائها (أعداء الترك في الماضي)، بعد نزيف جنودها الشديد وإفلاس دافعي الضرائب في العراق وأفغانستان.يبدو أن التردد التركي، غير مستساغ بنظر واشنطن بعد طرح العديد من الجزر، ويبدو أنه الآن يعطل عصا التوجيه لكل العملية. و إذا ما كانت تركيا بحاجة لأسباب أكثر للانغماس في الموقف المؤيد لمحور وول ستريت- لندن، ينبغي أن يحقق ذلك الاستفزاز الأخير من جانب واشنطن.من غير المرجح أن يحقق الغرب أي نجاح في إشعال الانتفاضة الكردية في سوريا. بل من غير المحتمل أيضا أن تحقق أي محاولة من جانب الغرب لتسليح الأكراد كإجراء عقابي ضد تركيا دفعاً للعملية، في حال ساعدت تركيا الحكومة السورية في استعادة النظام داخل حدودها. ومع ذلك، إذا ما ساعدت تركيا الغرب في زعزعة الاستقرار، تقسيم، وتدمير سوريا، سينتج ذلك نقطة انطلاق لأنشطة المتشددين الغير شرعية في كل الاتجاهات بما في ذلك أنقرة وذلك على غرار ليبيا التي ينعدم فيها القانون. وإذا كانت ليبيا " ما بعد الثورة" بواقعها المرير يمكن أن تكون بمثابة تحذير لتركيا ضد التورط أكثر في الأجندة الغربية، فتظاهر الغرب بالتقارب مع معمر القذافي في ليبيا "ما قبل الثورة" قبل خيانته في نهاية المطاف يمكن أن تكون بمثابة إنذار لتركيا يدفعها إلى الاعتقاد أنها لا تمثل أكثر من وسيلة ضغط بيد الغرب الذي يسعى إلى استخدامها لتحقيق مصالحه على وجه الحصر.وهذا هو رابط المقال الأصلي
Source